تمعن في النص الآتي ثم أجب عما يليه:
لعب الفكر الاتحادي لدى الحكام والمجتمع الإماراتي دورًا مهمًّا في تعبيد الطريق باتجاه صياغة لُحمة الإمارات واتحادها، وتتوزع القوة الذاتية ما بين قوة تاريخية وأخرى سكانية مترابطة، تحددها المصلحة المشتركة التي تمثل الجذوة الأساسية لانبثاق الأمم والدول ونهوضها؛ من أجل تنظيم شؤونها، والدفاع عن وجودها.
واجهت الإمارات على مدى تاريخها أطماعًا استعمارية متعددة، نظرًا لموقعها الاستراتيجي، وما تمتلكه من شواطئ وموانئ مهمة للتجارة والصيد على الخليج العربي، ناهيك عن امتلاكها في فترات تاريخية متلاحقة أساطيل بحرية ضاربة، وقفت في وجه الطامعين، وأغرقت سفنهم الغازية. وكانت كل محاولات الغزو والتدخل الخارجي تستدعي -منذ وقت طويل وفي كافة المراحل انبعاثَ الروح الوطنية الإماراتية الموحدة لمواجهة العدوان، محتفظة بهُوِيَّتها، مسطِّرة أروع أمثلة البطولة والتضحية في حب الوطن منذ القرن الخامس عشر.
إن القيادة في دولة الإمارات العربية المتحدة تمكنت بجدارة من المواءمة بين تصوراتها الفكرية /النظرية للوحدة عندما كانت تمر بطور التبلور في النقاشات واللقاءات الثنائية والجماعية وبين مرحلة الإقدام على تأسيس الدولة الاتحادية وإعلان قيامها، وفي هذه المرحلة عملت النخبة الحاكمة على مراعاة إحداث توازن عملي وذكي للغاية بين الواقع وبين الانتقال إلى تحقيق جوهر الفكر الاتحادي، الذي يتصف بالطموح والتحدي والإعجاز.
إن الفكر الاتحادي والتوجه الوطني له جذور عميقة كانت تعبر عن استشراق وقدر أصيل من النزوع الوطني في مراحل تاريخية سابقة لبناء اتحاد إماراتي، وكانت كل الظروف الخارجية والاستعمارية المحيطة تحاربه وتعيقه وتقف ضده، إلى جانب ظروف محلية أخرى متفرقة. والفكر الاتحادي في الإمارات هو فكر سياسي وطني نابع من البيئة الواحدة، ومع مرور الوقت كان هذا الفكر يتطور باستمرار، إلى أن وجد مناخًا إيجابيًّا يغذيه بشكل أعمق.
أصبحت دولة الإمارات العربية المتحدة بعد مضي أكثر من أربعة عقود على قيامها، تمتلك رصيدًا كبيرًا من رسوخ كيان الدولة، وإن الوصول إلى هذا المستوى من رسوخ بنيان الاتحاد على كافة المستويات وأطره المؤسسية الحديثة، يرتبط بجذور تاريخية للتوجه الاتحادي ولوحدة المجتمع الإماراتي، التي كانت قائمة تاريخيًّا على أرض الواقع، عبر مستويات اجتماعية وتحالفات قبلية أصلية، ثم فرضت الحاجة للدولة المعاصرة في الواقع الراهن قيام الدولة الاتحادية، مدعومة بالفكر الاتحادي العميق وبوحدة المجتمع الإماراتي ذات التاريخ العميق.
تحولت ثمار الفكر الاتحادي في دولة الإمارات العربية المتحدة إلى إنجازات باهرة، وأصبح للفكر الاتحادي الذي تمسَّك به المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان حمه الله نتائجه الإيجابية التي عملت على الدفع بالنهضة الحديثة في دولة الإمارات العربية المتحدة نحو مزيد من التطور في مجالات عديدة يلمسها كل مواطن، لذلك سيبقى ذكره خالدًا في ضمير كل مواطن إماراتي.
أصبح الفكر الاتحادي يوجه المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ويحكم تفكيره وتطلعاته لإقامة دولة اتحادية، وقد أثرت الخلفية السياسية على ذلك وجعلته يتحدى الصعاب، ويبني دولة كانت الدروب التي تربط بين أجزائها من رمال وكثبان مترامية في قيظ الصحراء الذهبية، فجمع أشتات الخريطة الإماراتية وجعل منها وطنًا واحدًا شامخًا.
أصبح اسم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه في سجل التاريخ الإنساني المشرف والخالد؛ لأنه تمكن بفضل الله وحكمته واعتماده على الفكر الاتحادي أن يستلهم من العوامل المحفزة للاتحاد ما يجعله صانع الحدث وقائد الدولة الإماراتية بالمعنى الاجتماعي، والمتلاحمة كما يلتئم شمل الأسرة الواحدة والبيت الواحد، وبذلك أصبح لقيام اتحاد الإمارات على يديه وبفضل جهوده معنى أكثر شمولًا من مجرد تكوين دولة جديدة.
لم يتوقف حلم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيّب الله ثراه عند لحظة ومسؤولية إقامة الاتحاد، لكنه واصل مسيرته وإيمانه بتدعيم وتفعيل الفكر الاتحادي حتى بعد قيام الدولة الاتحادية، وظل راعيًا أمينًا وحارسًا صلبًا للاتحاد في سنواته الأولى، وبذل من جهده ووقته وطاقته كثيرًا وكثيرًا، لكي يقف الاتحاد على قدمين راسختين، ولكي يصبح الاتحاد في وعي الإماراتيين مصلحة تعنيهم جميعًا، مآثره الوطنية ترتبط برفاهيتهم وسعادتهم ومستقبل أبنائهم وأحفادهم.
لم يكن الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله يقول ويصرح إلا بما يقتنع به ويسعى لتحقيقه، كمنهج غايته الاهتمام بمصلحة المواطنين الإماراتيين في كافة ربوع الدولة؛ حيث إنه رحمه الله يمتلك فلسفة للحكم ارتقت بالإمارات منذ انطلاق اتحادها إلى النهضة والشموخ.
بعد قيام الدولة قطف الإماراتيون كثيرًا من مكتسبات الفكر الاتحادي وثماره في مجالات عديدة، ومن بينها المجال السياسي العام والصورة التي استقرت عليها شخصية الدولة والمجتمع، وفتحت الأبواب أمام الانطلاق بالتنمية والتطوير في آفاق كانت من قبل مستحيلة وغير متوقعة متاحة.
من الأفكار الواردة في النص: